حلقة 530: بقاء المرأة بلا زواج - وجوب تغطية الوجه - حكم الإسلام في جراحة التجميل - كيفية إخراج الزكاة عن الراتب - زكاة الأرض التي تشترى بنية البيع - مشكلة في قضية الطلاق - كفارة القتل الخطأ - حكم دخول الحمام بالعملة الورقية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

30 / 50 محاضرة

حلقة 530: بقاء المرأة بلا زواج - وجوب تغطية الوجه - حكم الإسلام في جراحة التجميل - كيفية إخراج الزكاة عن الراتب - زكاة الأرض التي تشترى بنية البيع - مشكلة في قضية الطلاق - كفارة القتل الخطأ - حكم دخول الحمام بالعملة الورقية

1- هل على المرأة من إثم إذا بقيت بلا زواج؟!

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الله سبحانه شرع لعباده الزواج للذكور والإناث، قال سبحانه: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ.. (32) سورة النــور، وقال عز وجل: ..فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ... الآيةْ (3) سورة النساء، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فهذا يعم الجميع يعم الرجال والنساء، فالواجب على الرجل والمرأة هو الزواج إذا تيسر ذلك واستطاع ذلك؛ لما في الزواج من المصالح العظيمة: من عفة الفرج، وغض البصر، وتكثير الأمة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، فالنبي صلى الله عليه وسلم يكاثر الأمم بأمته عليه الصلاة والسلام، فتكثير الأمة في عبادة الله وطاعة الله أمر مطلوب، فالرجل يجب عليه أن يسعى في ذلك ويبذل وسعه حتى يتزوج، قد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في الوجوب: فقال قوم من أهل العلم: أنه يشرع ولا يجب إلا إذا خاف على نفسه الفاحشة، فإن خاف عن نفسه وجب عليه الزواج وإلا فلا، والصواب أنه يجب عليه إذا كان ذا شهوة، فإنه يجب عليه الزواج إذا استطاع ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج..)، ولم يقل: إن خاف على نفسه، بل قال: (فليتزوج) وأطلق، وهذا أمر والأمر أصله للوجوب، ما لم يرد ما يدل على صرفه عنه، والمرأة كذلك إذا كانت ذات شهوة وترغب في النكاح فإن عليها أن تتزوج إذا تيسر لها الزوج، لما في ذلك من التسبب في إحصان الفرج وغض البصر والبعد عن أسباب الهلكة؛ ولأنها من جنس الرجل في المعنى، فكما يجب على الرجل أن يحصن فرجه ويسعى في غض بصره فهي كذلك، والله يقول سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (16) سورة التغابن، فإذا تيسر لها الزواج وهي ترغب في النكاح كسائر النساء فالواجب عليها أن تتزوج، وتأثم إذا تركت ذلك، أما إذا لم يتيسر ذلك ولم يحصل لها الزواج فلا حرج عليها؛ لأن الله سبحانه يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا (286) سورة البقرة، ولكن متى استطاعت ولو ببذل شيء من مالها ولو بمهر قليل، إذا خطبها الكفء فإن الواجب عليها وعلى أوليائها أن يساعدوها في الزواج ولا يعطلوها من أجل حب المال وكثرة المال أو من أجل المفاخرة بالولائم، كل هذا لا يجوز، بل الواجب إذا جاء الكفء أن يزوج ولو قلَّ المال، فالمهم ليس هو المال، المهم هو حصول الرجل الصالح، والمهم في حق الرجل الحصول على المرأة الصالحة؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: (فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك)، قال عليه الصلاة والسلام: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقة فزوجوه -واللفظ الآخر: وأمانته- إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالمقصود أن التزوج فيه مصالح جمة للرجل والمرأة، وعلى الرجل أن يسعى في التماس المرأة الصالحة التي تعفه ويحصل بها المطلوب لجمالها ودينها، والمرأة كذلك عليها أن تسعى في ذلك بما تستطيع من الطرق الحسنة وأن لا ترد الكفء إذا خطب، وعلى أوليائها أن لا يردوا الكفء لما في ذلك من المصلحة العظيمة؛ ولأن في الزواج مع غض البصر وحفظ الفرج التوصل إلى تكثير الأمة في كثرة عددها كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والمصالح كثيرة في الزواج للرجلين للرجل والمرأة للصنفين، فينبغي لكل منهما العناية بهذا الأمر، والحرص عليه بالطرق الحكيمة والطرق السليمة الشرعية التي تسبب حصول الزواج من دون وقوع في محارم الله، ومن دون تعرض لما يغضب الله سبحانه وتعالى، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. إذاًَ ترك الزواج يعتبر حراماً؟ ج/ لا يجوز، نعم، مع القدرة.  
 
2- إني متحجبة ولكن لا أغطي فمي وأنفي فهل هذا حرام؟ جزاكم الله خيراً.
الصواب وجوب تغطية الوجه؛ لأنه عنوان المرأة جمالاً ودمامة، وقد اختلف الناس في ذلك والصواب هو أنه يجب أن تغطي المرأة وجهها جميعاً؛ لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم في سورة الأحزاب: ..وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.. (53) سورة الأحزاب، ولم يستثنِ سبحانه الوجه ولا غيره، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ.. (59) سورة الأحزاب، والجلباب يغطى به الرأس والبدن والوجه والأيدي، فهو عام، وكذلك قوله جل وعلا: ..وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ...الآية (31) سورة النــور، وفي أولها يقول سبحانه وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...الآية، فقوله سبحانه: (إلا ما ظهر منها) قد تعلق به بعض أهل العلم، وقالوا: إن المراد بذلك الوجه والكفان، ولكن هذا ليس بصحيح، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إن المراد بذلك الملابس الظاهرة، وقال ابن عباس -رضي الله عنه- فيما روي عنه إن المراد به الوجه والكفان، قال بعض أهل العلم: إنما أراد ابن عباس قبل النسخ قبل نزول آية الحجاب، كانت المرأة يباح لها الوجه والكفان، يباح لها إظهار الوجه والكفين، وبعد ما نزلت آية الحجاب منعت من ذلك، وهذا هو الأقرب والأظهر فيما رآه ابن عباس أن المراد يعني فيما مضى قبل نزول آية الحجاب، أما بعد نزل آية الحجاب فالوجه داخل في الزينة التي قال الله فيها: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن..) الآية، ثم يدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل في غزوة الإفك لما سمعت صوته قالت: خمَّرتُ وجهي، قالت: وكان قد رآني قبل الحجاب، فهذا يدل على أنهم بعد الحجاب مأمورون بتخمير الوجه، والأمة تبع لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، الحكم للجميع، فالحاصل أن الأرجح والأظهر من الأدلة الشرعية هو وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها وبقية بدنها؛ لأنها عورة وفتنة، والله سبحانه وتعالى أرشدها إلى أسباب النجاة وأسباب السلامة والعفة حتى قال في آخر الآية: ..وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ..، قال أهل العلم: معناه أنها لا تضرب برجلها حتى يسمع صوت الخلخال؛ لأن السامع قد يفتن بذلك، وأما قوله سبحانه: ..وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..، معناه: الخمر ما يغطى به الرأس، فضرب الخمار على الجيوب معناه على الوجه والرأس؛ لأن الجيب مدخل الرأس، هذا الجيب من الجوب وهو الشق، فجيوبهن مدخل الرأس، المعنى ليضربن بخمرهن على موضع الجيب، وذلك هو الرأس والوجه، هو موضع الجيب فإنه يخرج من الرأس ويبدو منه الوجه فهذا هو محل التخمير، وأما قول بعضهم أنه لم يقل على وجوههن فلا يحتاج إلى هذا؛ لأنه لو قال: على وجوههن لقال آخرون: لِمَ لم يقل على رؤوسهن؟ فيبقى الأمر أيضاً يحتاج إلى أن يقول على رؤوسهن، وكلام الله أحكم وأعظم سبحانه وتعالى، فقال: فقال وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ، يعني على محل الجيب وهو الرأس والوجه هو الذي خرج من الجيب، وشق من أجله الجيب، فيخرج الرأس من هذا المحل، فيغطى بالخمار الذي هو ستر الرأس والوجه وما قد يبدو من الصدر، وأما حديث الخثعمية وأن الفضل نظر إليها وصرف النبي وجه الفضل فليس في حديث الخثعمية أنها كانت سافرة كاشفة وجهها، بل الأظهر والأصل في ذلك أنها ساترة وجهها، ولو فرضنا أنها سافرة لكان هذا في الإحرام وقد قال بعض أهل العلم: إنه يجوز لها كشف الوجه في الإحرام، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القُفَّازين) قالوا: فنهيها عن النقاب يقتضي إسفارها، فيكون هذا في حال الإحرام وهي القادمة من مزدلفة ما قد رمت الجمرة ولا قد تحللت، فالفرض بأنها كانت كاشفة لكان هذا في الإحرام، مع أن الصواب أن المحرمة تستر وجهها بغير النقاب، كما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع إذا حاذانا الرجال سدلت إحدانا خمارها من فوق رأسها على وجهها، فإذا بعدوا عنا كشفنا، وهكذا روي عن أم سلمة أيضاً، فالمقصود أن هذا يدل على أنهن يسترن بغير النقاب وهو خمار يوضع على الرأس والوجه، أما النقاب فهو شيء يصنع للوجه ويخاط للوجه، ويقال له: النقاب، ويقال له: البرقع، يجعل على الوجه فهذا هو الذي يمنع منه تمنع منه المحرمة، أما كونها تستر وجهها بغير ذلك فهذا باقٍ على أصله مأمورة به حذراً من الفتنة وسداً لباب الفتنة، وبهذا يعلم القارئ ويعلم المؤمن أنه ليس فيما أدعاه من رأى الكشف ليس فيه حجة بذلك، والصواب أنها ليست سافرة ولو فرضنا أنها سافرة لكان ذلك في حال الإحرام، والمحرمة قد قال بعض أهل العلم بأنها تكشف وجهها فلا حجة في ذلك في كشفه خارج الإحرام، والصواب أنها لا تكشف لا في الإحرام ولا في غيره، وأنها حديث الخثعمية ليس فيه صراحة بأنها سافرة، وإنما النظر يمكن أن تنظر إليه وينظر إليها من دون كشف الوجه، النظر ممكن بأن تدير وجهها إليه ويدير وجهه إليها إما لحسن صوتها وأدبها حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم، وإما لأسباب أخرى، فلا يلزم من ذلك أن تكون سافرة الوجه، كما أنه لا يلزم منها أن تكون كاشفة الرأس أيضاً. سنعود إلى رسالتك يا أخت سرى رياض من الجمهورية العراقية في حلقات قادمة إن شاء الله -تعالى- لإتاحة الفرصة أمام أسئلة أخرى ومستمعين أُخَر.  
3- عن حكم الإسلام في جراحة التجميل؟
هذا فيه تفصيل: إذا كانت الجراحة لا تغير شيئاً مما أمر الله ببقائه فلا بأس، فإذا كان التجميل لا يتضمن نقشاً في وجه الإنسان وهو الوشم، ولا يتضمن قطع عضو وإنما ينوِّر الوجه أو ينور البدن أويعدل ما اعوج، كيدٍٍ فيها عوج تصلح، أو رجل فيها عوج، أو أنف فيه خلل يصلح فلا بأس بذلك، أو أسنان فيها خلل تصلح كطول بعضها أو ميلان بعضها أو سواد في سنه، أو شيء مما يمكن زواله وحصول الجمال من دون أن يخالف أمر الله في شيء من ذلك فلا حرج في ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الوشم، ونهى عن الوصل، ولم ينهَ عن التجمل (إن الله جميل يحب الجمال)، كذلك إذا كان في إصبع زائدة في الرجل أو في اليد فالصواب أنه لا حرج في إزالتها إذا قرر له الطبيب أن إزالتها لا خطر فيها، وهكذا لو كان هناك خرمٌ في الوجه أو في اليد يمكن إزالته بالعلاج فلا بأس، أو بقع سوداء في بدنه أو وجهه تمكن معالجتها كل هذا لا حرج فيه؛ لأنه تجميل لا يخالف أمر الله. هل تتكرمون -سماحة الشيخ- بالنص على الأشياء الممنوعة وإن قصد بها التجمل المباح؟ ج/ مثل ما تقدم، مثل الوصل وصل الشعر لا يجوز، مثل كذلك ما يسمونه الباروكة التي تلبس على الرأس، لا يجوز لأنها أشد من الوصل، والرسول نهى عن الوصل ولعن الواصلة، كذلك مسألة الوشم وهو يغرز في الوجه أو في اليد إبر ونحوها حتى يخرج الدم ثم يجعل فيه شيء من الكحل أو غيره من الأشياء حتى تكون الوشمة في الوجه أو في اليد هذا ممنوع، الرسول لعن الواشمة والمستوشمة والواصلة والمستوصلة، كذلك التفليج تفليج الأسنان لتحسين فيما بينها فتكون مفلجة هذا ممنوع، أما إذا كان السن مايل لإصلاحه أو زائد لإصلاح الزيادة وإزالة الزيادة، أو أسود لإصلاحه فلا بأس بذلك، هذا ليس مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.        
 
4- ما هي الكيفية التي يجب أن أزكي بها راتبي الشهري، مع العلم بأني موظف وليس لدي من الأموال غير هذا الراتب الذي أتقاضاه، هل أزكي كل راتب ساعة استلامه شهراً بشهر كزكاة الزروع والثمار، أم أنتظر حتى يحول الحول على كل شهر ثم أزكي رصيده في نفس الشهر من العام المقبل، أم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب أن يزكى الراتب وغير الراتب إذا حال الحول، فإذا حصل لك في رمضان عشرة آلاف ريال وبقيت إلى الحول زكيتها، أو بقي نصفها زكيت الباقي وهكذا في شوال، وهكذا في ذي القعدة وهكذا في ذي الحجة، كل شهر بشهره، إذا حال حوله تزكي ما بقي منه، وتضبط الأمور بالكتابة حتى تحفظ ما يجب عليك، هذا الواجب عليك، ولا يجب إخراج الزكاة من حين وصول مرتبك إليك، لا، الواجب إذا حال الحول كما قال ابن عمر وغيره: (إن استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول)، وجاء مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه: (لا زكاة في المال حتى يحول عليه الحول)، هذا هو الصواب، أما قول من قال أنه يزكي ما حصل له من هبة أو مرتب من حين استلامه بدون حول، هذا قول ضعيف مرجوح، والصواب أنه لا يجب في الإرث ولا فيما يؤتى إليك ولا في مرتبك زكاةٌ حتى يحول الحول على ذلك، على نصيبك من المال في الإرث إذا كان نقوداً من الذهب والفضة حتى يحول الحول، وهكذا لا يجب عليك الزكاة فيما وهبك أحد إخوانك أو أهدى إليك أحد إخوانك، ليس عليك زكاته حتى يحول عليه الحول، إذا أنفقته قبل ذلك فلا شيء عليك، وهكذا المرتب إنما تجب زكاته إذا حال عليه الحول. 
 
5- هل في الأرض التي تُشترى بغرض بيعها مرة أخرى هل فيها زكاة؟
نعم، إذا اشترى أرضاً أو سيارة أو عمارة أو غير ذلك لقصد البيع فإنه يزكيها إذا حال عليها الحول، وتسمى عرضاً من عروض التجارة، وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم، وحكاه بعضهم أجماعاً، ويدل عليه ما رواه أبو دواود رحمه الله، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع) فهذا يدل على أن ما أعد للبيع تخرج منه الزكاة، ولو شواهد، وهو أيضاً صحيح من جهة المعنى؛ لأن التجارة ما تبقى في النقود، تقلب، تقلب في العروض من السيارات والأراضي والبيوت وغيرها مما يحتاجه الناس، فإذا حال الحول وجب إخراج الزكاة من قيمة ما عنده من العروض التي أعدها للبيع، سواء كانت العروض سياراتٍ أو أراضيَ أو بيوتاً أو غير ذلك.   
 
6- مشكلتي أنه صدر مني كلمة طلاق لزوجتي، حيث أنني كنت عائداً إلى منزلي بعد نهاية الدوام وفوجئت بزوجتي تقابلني بالغضب، ولم أجد طعام الغداء بعد نهاية الدوام وكل شيء متوفر في المنزل، فقلت لها: لماذا لم تطبخي اليوم الغداء؟ فأجابت: لا أريد أن أطبخ، بل احضر طعامك من المطعم، حيث فقدت في تلك اللحظة شعوري وصدرت مني كلمة: أنتِ طالق طالق طالق!! حيث أنني أرغب من سماحتكم الآن إفادتي بالفتوى، هل يحق لي أن أراجع زوجتي حيث أن لي الرغبة في العودة، وهي كذلك ترغب العودة إلي، حيث لي منها طفل صغير عمره ستة أشهر؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.
نرى أن تحضر أنت والمرأة ووليها لدى فضيلة أي طرف حتى ينظر في الأمر ويفتيكم بما يراه فضيلته، أو يكتب الواقع إلي وأنا أنظر في ذلك، أنت والمرأة والولي تحضروا جميعاً عند المحكمة، والقاضي وفقه الله ينظر في الأمر، فإن أفتاكم فالحمد لله، وإن رأى أن يثبت كلامك وكلام المرأة ووليها وصفة الواقع وهل سبقه أو لحقه طلاق، وصفة غضبك وأسبابه، ثم بعد ذلك إذا جاء الجواب ننظر في الأمر إن شاء الله، وهذا هو الطريقة التي نسير عليها في مثل هذا.  
 
7- كان عندي طفل صغير تركته مع والده في السيارة وكان ذاهباً في مشوار، وانقلبت بهما السيارة في الطريق ومات الطفل، ثم بعد تلك الفترة رزقني الله بطفلة، وفي أحد الأيام تركتها تلعب بجوار البيت فوقعت في خزان ماء فغرقت في ذلك الخزان وماتت، سؤالي هو: هل علي ذنب في وفاة الطفل والطفلة، أو هل أُعد مهملة ويجب علي الكفارة أو صدقة، أو أن أفعل أي شيء؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.
أما الطفل الأول الذي مات مع أبيه فهذا ليس عليك منه شيء، وإنما الحكم معلق بأبيه إن كان أبوه قد خالف ما يوجب الضمان من سرعة أو نحوها فإنه عليه الكفارة، وعلى العاقلة الدية، لأنها شبه العمد، وإذا سمحت أنت والورثة فلا شيء عن الدية، أما الكفارة فتكون في ماله إذا كان قد فعل شيئاً يوجب الضمان، وهذا يرجع إلى سؤال المرور عن صفة الواقع، فإذا كان قد فعل مايوجب الضمان حتى حصل الإنقلاب بسبب ذلك فعليه الكفارة من ماله، وهي عتق رقبه مؤمنة فإن لم يستطع ذلك فصيام شهرين متتابعين، وإذا صام عنه بعض أقربائه فجزاه الله خيراً، أما أنت فليس عليك شيء. وأما الطفلة التي تركتيها عند الخزان، فهذا فيه تفصيل: إن كان الخزان قريباً منها مفتوحاً وأنت تعلمين ذلك، فهذا تفريط منك وعليك الكفارة؛ لأنك فرطت في هذا، أما إن كان الخزان بعيداً أو كان مغلقاً ثم فتح وأنت لا تعلمين فليس عليك شيء؛ لأن مثل هذا يقع كثير، والسلامة من هذا عزيزة، لكن إذا كان قريباً من البنت الطفلة وأنت تعلمين أنه قريب ومفتوح فهذا يعتبر تفريطاً منك، أما إن كان بعيداً عرفاً فليس عليك شيء.  
 
8- يسأل عن العملة الورقية التي تُكتب عليها كلمة التوحيد، كيف نتصرف تجاهها؟ جزاكم الله خيراً.
تحفظها معك في جيبك ولا حرج عليك إذا دخلت بها حماماً أو غير الحمام لأنك مضطر إلى ذلك، والحكم في هذا عند بعض أهل العلم كراهة الدخول بشيء فيه ذكر الله إلى الحمام، ولكن إذا احتاج الإنسان لذلك وخاف على نقوده، أو نسيها في جيبه أو خاف عليها فلا كراهة؛ لأن إخراج النقود ووضعها خارج الحمام قد تسرق أو قد ينساها أو يأخذها بعض الأطفال، المقصود أنه لا حرج إذا دعت الحاجة.    
9- إذا قرأ الإمام سورة الفاتحة جهرا وانتهى منها، وبدأ بقراءة سورة بعدها، فهل يجوز للمأموم أن يقرأ سورة الفاتحة؟
نعم الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة أما عند بعض أهل العلم يرى أن القراءة لا تجب على المأموم، ولكن الصواب أنها تجب عليه الواجب عليه الفاتحة فقط، ولو كان الإمام يقرأ ما سكت يقرأها ثم ينصت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، متفق على صحته، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرؤونها خلف إمامكم، قلنا نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)، هذا هو الصواب، إلا إذا من يدرك الإمام إنه ما أدركه في الركوع أو عند الركوع ما تمكن من القراءة، فإن الصواب أنه يعفى عنه في هذه الحالة وتجزئ عنه الركعة. 

367 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply