حلقة 544: فسخ النكاح الإجباري - لا يشترط في إخراج الزكاة أن تكون في رمضان - حكم من يتوضأ ويشعر وكأن بأن قطرات من الماء تنزل منه - حكم مصافحة الرجل المرأة الأجنبية وهما صائمان - حكم الغش في الإمتحانات - لا يرث القاتل من المقتول

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

44 / 50 محاضرة

حلقة 544: فسخ النكاح الإجباري - لا يشترط في إخراج الزكاة أن تكون في رمضان - حكم من يتوضأ ويشعر وكأن بأن قطرات من الماء تنزل منه - حكم مصافحة الرجل المرأة الأجنبية وهما صائمان - حكم الغش في الإمتحانات - لا يرث القاتل من المقتول

1- تزوج رجل امرأة برضاها وبعقد صحيح، بولي وصداق وشهود، وحينما طلب الدخول بها امتنعت وادعت أنها مجبرة على الزواج منه، وعند إحالة المسألة إلى القضاء أمر القاضي بفسخ العقد، وتزوجت المرأة بزوج آخر دون رضا الزوج الأول، وأسئلتي تتلخص في القضايا التالية: هل فسخ القاضي للنكاح صحيح؟ هل زواجها من الرجل الآخر جائز؟ ماذا يفعل الزوج الأول؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكر البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله، وكيف إذنها، قال: أن تسكت)، وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (والبكر يستأذنها أبوها وأذنها صماتها)، فإذا كانت مجبرة فالنكاح غير صحيح وما فعله القاضي هو الصواب، جزاه الله خيراً وأثابه، وزواجها صحيح، زواجها الأخير صحيح، إذا كانت قد استوفت الشروط الشرعية، لأنه لا عدة عليها النكاح فاسد ولم يدخل بها، ولو طلقت قبل الدخول ما عليها عدة، فكيف بنكاح فاسد.  
 
2- عندي دكان لبيع أدوات سيارات، ولكن لم أملك نقوداً لكي أزكي في الوقت الحاضر، ذلكم أني لم أبع شيئاً وإنما البضاعة مطروحة، فهل أزكي عندما تكون لدي فلوس ولو بعد رمضان؟ أفيدونا مشكورين.
نعم، متى أيسرت تزكي، ولو بعد الحول، إذا تم الحول وعند نقود تخرج الزكاة منها في رمضان أو في غيره، متى تم الحول وجب عليك إخراج الزكاة، فإذا كنت معسراً بالمال ما عندك إلا عروض، فلا مانع من الاقتراض حتى يتيسر بيع العروض، بيع شيء من العروض ثم تخرج الزكاة، لأن الله قال: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة، فإن أخرجت من العروض ــ الزكاة لبعض الفقراء، صح ذلك في أصح قولي العلماء، كأن تخرج ملابس، أو بطانيات أو ما أشبه ذلك بالقيمة السائدة في السوق المعروفة تعطيها بعض الفقراء بنية الزكاة صح ذلك في أصح قولي العلماء، لأن الزكاة مواساة وقد واسيت بما عندك.  
 
3- إنه عندما يتوضأ يشعر وكأن به سلسل ويشعر بقطرات من الماء، كيف توجهونه وتوجهون أمثاله شيخ عبد العزيز لو تكرمتم؟
كثير من الناس قد يبتلى بهذا عن وسوسة لا عن حقيقة، فنصحيتي لهذا وأمثاله ألا يلتبس بهذا الشيء وأن يعرض عنه ما دام عنده شك ولو قليلاً ولو واحد في المائة، ولو واحداً في المائة إذا خرج منه شيء فلا يلتفت إلى هذا، لأن التفاته إلى هذا يجره إلى وساوس مستمر، فينبغي الإعراض عن ذلك، أما إذا التزم وتيقن مائة بالمائة أنه خرج منه شيء، فإنه يستنجي ويعيد الاستنجاء والوضوء الشرعي ولا يصلي وقد خرج منه البول، إذا كان يقيناً مائة بالمائة، ويستحب له أن يرش موضع الفرج بعد فراغه من الوضوء يرشه بالماء حتى يحمل ما قد يقع له من وساوس، على هذا الماء، وبهذا ينتهي الوسواس وينقطع إن شاء الله.  
 
4- ما الحكم فيمن صافح امرأة أجنبية، أو تحدث معها في نهار رمضان وهو صائم، وأيضاً هي صائمة، هل هذا يُفسد الصوم أو يجرحه؟ نرجو توجيهنا جزاكم الله خيراً، وهل من كفارة؟
أولاً: المصافحة للمرأة الأجنبية لا تجوز، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (إني لا أصافح النساء)، وقالت عائشة رضي الله عنها: ما مست يد رسول الله، يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام، يعني النساء الأجنبيات غير المحارم، أما المحرم كأخته وعمته فلا بأس أن يصافحها، وأما المكالمة للأجنبية فلا بأس بذلك إذا كانت مكالمة مباحة، ليست فيها تهمة ولا ريبة، كأن يسألها عن أولادها، يسألها عن أبيها، يسألها عن حاجة من حوائج الجيران أو الأقارب لا بأس بذلك، أما إن كانت المكالمة للتحدث فيما يتعلق بالفساد أو الزنا، أو مواعيد الزنا، أو عن شهوة أو عن كشف منها له، يعني يرى محاسنها يرى وجهها يرى محاسنها كل هذا لا يجوز، أما إذا كانت المحادثة مع التستر مع الحجاب، ومع البعد عن الريبة وليس عن شهوة، فإنه ليس عليه حرج في ذلك وقد تحدث النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى النساء، وتحدث النساء إليه، ولا حرج في ذلك. والصوم صحيح، لا يضره المصافحة ولا يضره المحادثة إلا إذا كانت عن شهوة وخرج المني، فإنه يبطل الصوم بخروج المني عن شهوة، وعليه أن يعيد الصوم، إن خرج منه مني يعيد الصوم، أما إن أراد التحدث ولم يخرج شيء فإنه لا يضر الصوم، وهكذا لو خرج المذي لا يبطل الصوم على الصحيح، إنما يبطل خروج المني عن شهوة في نهار الصوم، والواجب على المؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه وألا يصافح امرأة لا تحل له، وألا يتحدث إليها عن شهوة، أو ينظر إلى محاسنها، والله يقول جل وعلا: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، فالتحفظ من أسباب الشر واجب على المؤمن أينما كان، نسأل الله لنا وللمسلمين جميعاً السلامة.   
 
5- ظهر طريقة سيئة بين تلاميذ المدارس هذه الأيام، وهي الاعتماد الكلي على الغش في الامتحانات، ويفعلون ذلك حتى في نهار رمضان، وعندما أخبرتهم أن هذا لا يجوز استناداً للحديث الشريف: من غشنا فليس منا إلا أنهم يعتبرون بأن الغش أفضل وسيلة للنجاح، علماً بأن البعض منهم يحصل على أعلى الدرجات عن طريق الغش، وينجحون بتفوق، وهذا ما يجعلني دائماً متأخراً في دراستي؛ لأنني أعتمد على نفسي، فهل أنا على خطأ، أم أن القول المأثور صحيح، حيث يقولون: إن الضرورات تبيح المحظورات؟ أرجو من سماحتكم الإجابة الشافية، جزاكم الله خيراً
الغش في الامتحان محرم ومنكر كالغش في المعاملات، وقد يكون أعظم من الغش في المعاملات؛ لأنه قد يحصل له وظائف كبيرة بأسباب الغش، فالغش محرم في الامتحانات في جميع الدروس، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (من غشنا فليس منا)، ولأنه خيانة، والله يقول جل وعلا: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون، فالواجب على الطلبة في أي مادة ألا يغشوا ويجتهدوا في الاستعداد، حتى ينجحوا نجاحاً شرعياً، وأما أنت فقد أحسنت في عدم الغش وعليك أن تجتهد وعليك أن تسلك الطريق السوي ولو تأخرت في بعض المواد، فالحق أحق بالاتباع وأرشد بالخير، والعاقبة الحميدة، فإذا صدقت بالاستعداد والعناية يسر الله أمرك، كما قال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ويقول سبحانه: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً، ويقول سبحانه: يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً.. الآية، والفرقان النور والعلم والهدى، فاجتهد في طلب العلم، من طريقه السليم، وأحرص على بذل الجهد في تحصيل العلم، وأحسن ظنك بالله، واسأله التوفيق وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، ولا تغتر بالغشاشين ولا تغبطهم على غشهم لأنهم قد ارتكبوا كبيرة من الكبائر، وحصلوا على خطأ عظيم نسأل الله السلامة.  
 
6- رجل طلق زوجته ثم راجعها، ثم طلقها الطلقة الثانية ثم راجعها، ثم طلقها الثالثة وقبل أن تُكمل العدة تُوفي هذا الزوج، فهل عليها عدة المتوفى عنها زوجها، وهل ترث من مال زوجها الذي طلقها الطلقة الثالثة ولكنها لم تكمل العدة بعد؟
إذا كان الواقع كما قال السائل فليس عليها عدة، وإنما عليها أن تكمل عدة الطلاق وليس لها إرث، لأنها هذه الطلقة الأخيرة، الثالثة بانت من زوجها، فإذا مات بعد الطلقة الأخيرة فإنها لا ترثه ولا تعتد عدة الوفاة، ولكنها تكمل عدة الطلاق، إذا كانت الطلقات المذكورة طلقات شرعية واقعة.  
 
7- إذا قتل رجل أخاه، وعفى الأب عن هذا القاتل، فهل يرث القاتل من المقتول؟
لا يرث القاتل من المقتول، إذا كان قتله عمداً عدواناً فإنه لا يرث منه، وهكذا لو كان خطأً أوجب عليه الدية أو الكفارة، فإنه لا يرثه، للحديث: ليس للقاتل ـــ، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن القاتل لا يرث من المقتول، إذا كان قتلاً مضموناً، ولو عفا الأب، لكن إذا سمح الورثة الباقون أن يشركوه فلا حرج عليهم، إذا كانوا مكلفين مرشدين وسمحوا بأن يرث معهم هذا القاتل فلا بأس، أو كان الوالد الأب أبا المقتول وأبا القاتل وسمح أن يرث من المقتول، أن يرث من المقتول فالحق له، إذا كان القاتل له إرث، بأن قتل مثلاً أخاه والوارث لا يرث لكونه رقيقاً أو كافراً والقتيل مسلم، أما إذا كان القتيل مسلم والأب مسلم أو القتيل كافر والأب كافر، فيجوز للأب أن يحجب الأخوة، الحاصل يعني إذا كان القاتل يرث لولا القتل وسمح الورثة له بالمشاركة وهم مكلفون مرشدون فلا بأس بذلك، الحق لهم.  
 
8- كم عدد ركعات صلاة الليل، وهل هي سرية أم جهرية، وهل تصح جماعة، وما هو وقتها؟ علماً أنني أصليها بعد منتصف الليل، وأوقات أصليها قبل ذلك، وأصليها أربع ركعات ثم أوتر بركعة؟ أرجو التوضيح والتوجيه، جزاكم الله خيراً.
صلاة الليل ليس لها عدد محصور، ولو صلى مائة ركعة وأوتر بواحدة، أو أكثر من ذلك لا بأس بذلك، ليس لها عدد محدود، الله جل وعلا ندب إلى صلاة الليل وحث عليها سبحانه وتعالى، في كتابه العظيم، قال جل وعلا: يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً، نصفه أو انقص منه قليلاً، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً، وقال سبحانه وتعالى في وصف عباده المتقين: كانوا قليلاً من الليل ما يهجون، وبالأسحار هم يستغفرون، وقال عن عباد الرحمن: والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، لكن الأفضل أن يوتر بمثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإذا أوتر بأكثر من ذلك بعشرين أو بأربعين أو بأكثر من ذلك، وختم بواحدة فلا بأس بذلك، لقوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (صلاة الليل مثنى، مثنى)، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة، هذا يدل على أن صلاة الليل ليس لها حد، ولهذا قال: (صلاة الليل مثنى، مثنى)، ولم يحدها بحد، عشر أو أكثر أو أقل، قال: (فإذا خشي أحدكم فليصل ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، هذا هو المشروع في هذا الباب، ثم وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد صلاة العشاء والسنة الراتبة إلى طلوع الفجر، كله محل تهجد بالليل، وأفضل ذلك آخر الليل في الثلث الأخير، هذا أفضل ذلك، وإذا أوتر في أول الليل، أو في وسطه فلا بأس، قد فعل النبي هذا كله، قد أوتر من أول الليل عليه الصلاة والسلام، وأوتر من وسطه وأوتر من آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام، ولا مانع أن يصليها جماعة بعض الأحيان مع أهله أو مع زواره من غير أن يتخذها عادة، لكن إذا صادف ذلك أنه زاره بعض إخوانه فصلوا جماعة لا بأس، وقد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء في بعض الليالي وصليا جماعة في الليل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- زار محل أنس وصلى الضحى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أنه إذا صلى النافلة جماعة في بعض الأحيان من غير اتخاذ ذلك عادة راتبة فلا بأس في ذلك ولا حرج في ذلك، وأقله واحدة ولا حد لأكثره، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم-. من أسئلته سماحة الشيخ، هل هي سرية أم جهرية؟ سرية وجهرية، يجوز أن يجهر ويجوز أن يسر، تقول عائشة رضي الله عنها: كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم-، فربما جهر بالقراءة وربما أسر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يفعل ما هو أصلح لقلبه وما هو أخشع له، فإذا كانت قراءته جهراً أخشع لقلبه جهر،وإذا كانت السرية أخشع لقلبه وأرفق به فعل ذلك سراً. ورد إلى البرنامج بعض الأسئلة حول قيام الليل شيخ عبد العزيز، رأيكم في الصوارف عن قيام الليل؟ وما أكثرها في هذا الزمان؟ المؤمن ينبغي له أن يبذل وسعه في قيام الليل، وإذا خشي ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر عند مسلم: من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أوتر من أول الليل وأوتر من أوسطه وأوتر من آخره، فالأمر واسع، وقد أوصى عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة بالوتر، أول الليل، والسر في ذلك والله أعلم أنهما كانا يدرسان الحديث فربما شق عليهما القيام في آخر الليل، فأوصاهما بالإيتار قبل النوم، فالمؤمن يجاهد نفسه في هذا والحمد لله ليس بفريضة إنما هو سنة، سنة مؤكدة، كان يفعله النبي في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، في السفر والحضر، الوتر والتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، فمن فعل هذا فقد أحسن ووله أجر عظيم، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه، لكنه ترك أمراً عظيماً وسنة كبيرة. صلاة الرجل بأهل بيته، كيف يكون التوجيه بخصوصها شيخ عبد العزيز؟ إن شاء فعل وإن شاء ترك، النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وحده، ما كان يصلي مع أزواجه كان يصلي وحده - صلى الله عليه وسلم-، فإذا جاء الوتر أيقض عائشة لتوتر، فالمقصود أنه - صلى الله عليه وسلم- كان فيما علمنا يصلي وحده عليه الصلاة والسلام في تهجده في الليل، فإذا تهجد الإنسان في الليل وحده لا بأس، وإن صلى بأهله أو بجماعة جاؤوا فلا بأس. شيخ عبد العزيز المرغبات كثيرة في ديننا حبذا لو تفضلتم بذكر بعض منها ولو سيما فيما يخص صلاة الليل؟ مثلما تقدم صلاة الليل عبادة عظيمة وسنة الأنبياء ودأب الصالحين، وهي كما جاء في الحديث تكفر السيئات وتقرب إلى الله عز وجل، وهي من دأب الصالحين قبلنا، فينبغي للمؤمن أن يعتادها وأن يفعلها تأسياً بالأنبياء والأخيار، كما قال سبحانه في عباد الرحمن: والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، وقال في المتقين: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وقال سبحانه في أهل الصلاح والخير: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، ومما رزقناهم ينفقون، فلا تعلم ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون، فالله جل وعلا في كتابه العظيم رغب فيها كثيراً، وهكذا نبيه عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يستكثر من ذلك، وأن يعتاد ذلك، وألا يخل في ذلك، لا سفراً ولا حضراً. أعود مرة أخرى للصوارف عن قيام الليل؟ من الصوارف، السهر، السهر في القيل والقال، والأحاديث التي لا فائدة فيها، أو في مشاغل الدنيا، من الصناعة والجشع والحرص على المال، يعمل ليلاً ونهاراً في جمع المال والحرص على المال، فإذا سقط في الفراش سقط سقوط الميت، ما يستطيع أن ينهض للعبادة، وربما ترك صلاة الفجر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي للمؤمن أن ينام مبكراً ويجتهد في ذلك حتى يستطيع أن يقوم من آخر الليل، أو يصلي من الليل ما تيسر قبل أن ينام، ثم ينام مبكراً حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر ويصليها في جماعة، فمن فعل ذلك فقد أحسن ومن تساهل وقع في مثل ما وقع فيه المنافقون من دفع الخير والحصول على الشر والندامة، قال تعالى: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً، فالمؤمن ينبغي له البعد عن التشبه بهم، بأي حال من الأحوال. أرجو أن نعود إلى البحث والمناقشة حول هذه القضية في حلقات قادمة شيخ عبد العزيز؟ نعم، إن شاء الله.  
 
9- أرجو من سماحتكم بيان أفضل الطرق التي يتم بها حفظ كتاب الله، علماً أنني حريص على ذلك والحمد لله، وحفظت حتى الآن ثلاثة أجزاء.
من أفضل الطرق ومن أحسنها وأنفعها، أن يكون له وقت يتحفظ فيه، وهذا الوقت مناسباً ليس فيه مشاغل، إما في أول النهار بعد صلاة الفجر، أو في الليل أو في أي وقت يراه أنسب له، وأفضل لقلبه حتى ــ ما تيسر ويتحفظ مما تيسر، ومع ذلك يستعين بالله يسأله التوفيق والإعانة ويجتهد في ذلك، ومن ذلك أيضاً: البعد عن المعاصي والحذر منها، فالمعاصي من أسباب فوات الخير وحصول الشر، يقول الشافعي رحمه الله: شكوت إلى وكيع، يعني شيخه، شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يؤتاه عاصي فالمعاصي من أسباب حرمان الخير وحرمان الطاعات، حرمان حفظ القرآن، حرمان خير كثير، فمن أعظم الأسباب لحفظ القرآن الكريم العناية بالأوقات المناسبة، والمواظبة على ذلك، والبعد عن المعاصي والسيئات، مع الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يعينك، وأن يوفقك وأن يمنحك حفظ كتابه، ومع الإخلاص في ذلك، وأنك تقصد بهذا الحفظ وجهه الكريم، والانتفاع بكتابه، والتزود مما فيه من الخير، هذا كله من أسباب التوفيق والهداية، وإذا تيسر لك زميلٌ طيب يساعدك على حفظ القرآن فهذا أيضاً من الأسباب الطيبة، إذا حصلت زميلاً طيباً يعينك على الحفظ ويوافقك على الأوقات المناسبة فهذا أيضاً من أكبر العون. ما أُثر عن الإمام علي بن أبي طالب بخصوص هذا شيخ عبد العزيز؟ ليس بمحفوظ الدعاء الذي ينقل أن النبي علم علياً وأمره أن يركع أربع ركعات ليس بمحفوظ، لكن لو دعوات بالدعوات الطيبة. 

349 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply